
احمد الاشرفي
أنا لم استغرب الاتفاق المفاجيء بين ترامب وأردوغان ، وأقل ما قيل عنه أنها اتصالات تدل على أن هناك أمر ما تم الاتفاق عليه أو يدور في خلد ترامب شخصيا، ويرى بعض المراقبين أنه يبدو بأنه في غير مصلحة أكراد سوريا ولا أكراد تركيا، ولكنها قد تكون لاستعجال سقوط أردوغان ومعه ايران اتقاء لشروهما، فكما قيل بأن قرار انسحاب ترامب من شمال سوريا، سيترك أكراد سوريا الديمقراطية يواجهون مصيرهم المظلم من ثلاث أعداء أو محاور، الاول قوات اردوغان المجرمة التي غزت عفرين ولها أطماع في غزو بقية شمال سوريا منها إدلب ومنبج وحتى حلب، والمحور الثاني قوات بشار قاتل ومدمر شعبه بدعم من مليشيات ايران وحزب الله ومليشيات الحشد الشعبي العراقي، أما المحور الثالث والاخير فهو يخص قوات الارهابيين (داعش والنصرة الذين خرجوا من عباءة القاعدة التي كونها الاخوان المسلمين) والتي يتم تصفيه أوكارها حاليا من قبل قوات سوريا الديمقراطية.
والمعروف أن داعش والنصرة ومعهم خوان المسلمين مدعومون من أردوغان وقطر وايران.. لذلك كانت موافقة أردوغان على تحريك القوات التركية لكي تحل محل القوات الامريكية في شمال سوريا (وهو أمر لم يوافق عليه ترامب) وهدف أردوغان من هذا العرض هو حماية حلفائه في داعش والنصرة والخوان، ومن ثم القضاء على الاكراد بعد تصوره (على غير الحقيقة) بأن ترامب تركهم فريسه لقوات أردوغان الغازية سواء التي احتلت عفرين أو التي تخطط لاحتلال أجزاء من سوريا في منبج وإدلب بل وحلب نفسها .
قد يقول قائل بأن الرئيس ترامب ينفذ ما وعد به الناخبين بأنه سيعمل على الخروج من سوريا وأفغانستان. وأنه سيحارب داعش واتهم وقتها كل من أوباما وهيلاري بأنهما كانا وراء تكوين هذه المليشيات المجرمة وقد صدق الرجل فيما قاله.
ولكن هناك سؤالا يلح على المراقبين وهو هل ترك ترامب الاكراد (المنكوبين دائما) ليكونوا تحت رحمة جيش أردوغان الدكتاتور المجرم المعتدي.. بينما كان هؤلاء الاكراد بالأمس حلفاء لترامب بل ويعملون مع قوات أمريكا بالمنطقة، وفجأة تخلى عنهم ترامب وتركهم لأعدائهم وبذريعة أن أبناء أمريكا يجب أن يعودوا لها ولا يستمروا في القيام بدور رجل الشرطة ، ويحاربوا بالنيابة عن غيرهم ويقصد (أوروبا) وفي المقابل كان قرار ماكرون رئيس فرنسا بأنه لن يترك أكراد سوريا الديمقراطية فريسة لقوات أردوغان الغازية؟؟
أما الإجابة على هذا السؤال فيرى كثيرون أنه قد يكون قرار ترامب بسحب قواته من شمال سوريا، تكتيكا حربيا، هدفه حماية القوات الامريكية ( محدودة القوة والعدد) من عمل انتقامي ترتبه لها إيران ولي الفقيه، انتقاما من قرار ترامب بفرض الحصار على ايران ،لكي يقضوا على هذه القوة أو على الأقل محاصرتها (من قبل ايران وروسيا وقوات ومليشيات بشار) وتكون تحت رحمة هذه القوات، ومن ثم مساومة أمريكا وفرض ارادتهم عليها ومن ذلك الانسحاب مقابل فك الحصار على ايران.. الخ…لذلك قام ترامب بإقناع أردوغان بأن يحل محله في شمال سوريا مع ثقته بأن أردوغان سيوافق على هذا العرض، لأنه يتماشى من أهدافه في احتلال جزء من شمال سوريا، وبحيث تنسحب القوات الامريكية من هناك (بسرعة) أو الايحاء بذلك، ليتم نقلها الى إربيل بشمال العراق وهي منطقة أكثر أمنا ولتكون في مأمن من أي اعتداء ايراني عليها، والدليل أن ترامب أبدى استعداده بتزويد أردوغان بمنظومة (الباتريوت) ثمنها3.5 مليار دولار تكون رادعة إذا تعرضت قوات أردوغان باعتداء ايراني أو روسي أو من قوات بشار، وهي صفقة لا تزال محل نظر بعدما قرر أردوغان أن يستبدلها بمنظومة صواريخ روسية ولن توافق عليها حتما أمريكا حتى لو كان الامر يتعلق بمواجهة أردوغان عسكريا .
أما المقابل الذي أعتقد أن ترامب يدرك ذلك جيدا ولن يقدم عليه أبدا وهو ويتمثل في نقطتين أساسيتين هما:-
1.قيامه بالتضحية بحليف الامس وهي قوات سوريا الديمقراطية من الاكراد والايحاء لأردوغان بأنه وبانسحابه من شمال سوريا، يساعده في التخلص من أعدائه الاكراد…وكالعادة يتلقى الاكراد ضربة أخرى إعتادوا عليها من تركيا وايران وسوريا والعراق ، وهذه المرة تكون من ترامب … وهذا (على غير الحقيقة) كما قلت ولن يحدث
2.أو قد يكون لترامب تكتيك آخر( يضمره) وهو أن يتخلص من أردوغان وتصرفاته المجنونة بالمنطقة والعالم كمرحلة أولى ثم بعد ذلك يأتي دور إيران أو العكس، والايحاء لأردوغان بأنه يدعم تطلعاته في احتلال شمال سوريا والقضاء على أعدائه الاكراد. وهذا كما قلت على غير الحقيقة، فلا أكراد سوريا ومعهم أكراد العراق وسوريا وايران، ولا ايران وميلشياتها، ولا مليشيات حزب الله، ولا قوات بشار، وكذلك لا القوات الروسية سيتركون قوات أردوغان الغازية ترتع بحرية في شمال سوريا وتقتل أكراد سوريا وتقوم بذبحهم ذبح الشياه، وبالتالي تحقيق حلم أردوغان في احتلال شمال سوريا الغني بالبترول وضمه لتركيا ، وذلك دون مواجهة حاسمة تقضي على حلم وأوهام غير موجودة إلا في رأس أردوغان المستبد، خاصة وأن الاكراد رجالا ونساء أشداء في الحرب ومستعدون للدفاع عن أنفسهم وعن بلادهم ، ومعهم القوات الامريكية الموجود قوات لها في العراق.
المهم ما علينا إلا الانتظار والايام القادمة حبلى بالأحداث في سوريا بل وفي تركيا وقطر وايران نفسها ، والعلم عند الله.