عاجلمنوعات
أخر الأخبار

ندوة «مقطع في مخ رجل مجنون»… ليلة سردية أعادت اكتشاف عالم حسن زين العابدين”

 

“حسن زين العابدين… كاتب يصنع واقعًا موازيًا بين العقل والجنون في «مقطع في مخ رجل مجنون»”

القاهرة – أميرة المحمدي :

في أمسية أدبية ثرية شهدها مقر النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر بالزمالك، عقدت لجنة السرد ندوة لمناقشة المجموعة القصصية الجديدة «مقطع في مخ رجل مجنون» للكاتب والروائي د. حسن زين العابدين، وسط حضور نخبة من النقاد والمهتمين بأدب السرد والرحلات، وبمشاركة قيادات النقابة وعلى رأسهم الأستاذ الشاعر سيد حسن نائب رئيس النقابة.

الكاتب حسن زين العابدين
الكاتب حسن زين العابدين

• كاتب لا يعترف بالنمط الواحد

يُعرف د. حسن زين العابدين بأنه كاتب روائي وقصصي ومسرحي، وصوت حاضر حيث عُرف بتحليله العميق وحرصه الدائم على أن يكون ذاته دون مسايرة أو خضوع لأي تيار نقدي.
كما يُصنَّف ضمن الأصوات السردية التي ترفض الاستسلام لأي قالب ثابت، فيكتب القصة القصيرة، والمشهد التأملي، وأدب الرحلة، ويخلط بينهما بحرفية تستحق الوقوف أمامها.

• بين السيريالية والواقع… كتابة تتنقّل بحرية

ناقش الحضور المجموعة باعتبارها عملاً سيرياليًا يمزج بين الواقع المحسوس وواقع الخيال، في مساحة تتجاوز الحياة اليومية إلى سؤال الإنسان عن ذاته وصراعاته الداخلية.
فالكاتب — كما وصفه النقاد — لا يستسلم للشكل الواحد؛ بل يبني عالمًا تتجاور فيه التجارب الإنسانية مع عناصر غير مألوفة، إلى حد أنه أنسن الأشياء الجامدة مثل الحيوان والجماد… بل حتى «الساندويتش» في أحد النصوص، في مقابل فكرة “تشييء الإنسان” التي طرحها بجرأة فلسفية.

هذا التحوّل بين التجسيد والتجريد يعكس تأثّر الكاتب بقراءاته الواسعة في الفلسفة، وهو ما بدا واضحًا في عدد من القصص التي تميل إلى العبثية والتجريدية.

• تفاصيل كثيرة… ومشاعر أكثر

أشار النقاد إلى أن زين العابدين “يسرف ويسرب في التفاصيل”، لا بهدف الترهل بل لصناعة عالم دقيق الملامح، يسمح للقارئ بالدخول في ذاكرة الشخصيات ونفسيتها.
ورغم هذا الوفاء للتفاصيل، فإن هناك انحيازًا للمشاعر أكثر من المواقف، يظهر بجلاء في قصة «عم واو» التي تُقدّم نموذجًا إنسانيًا من البسطاء، وهو حضور يتكرر في أغلب قصص المجموعة.

Oplus_131072

• لغة تقترب من الشعر… وسرد داخلي مكثّف

توقّف النقاد عند اللغة السردية للمجموعة، حيث وُصفت بأنها قريبة من الشعر ومليئة بالإيحاءات، وتعتمد على السرد الداخلي بدرجة ملحوظة.
هذه اللغة غير التقليدية كانت سببًا في خلق مزيج من الحوارات القصيرة والغامضة التي تمنح النصوص روحًا حلمية، وكأن القارئ يعبر حدًّا فاصلًا بين الواقع والحلم دون أن يشعر.

• صراع الحياة اليومية ونقد الفساد الاجتماعي

تناولت الندوة أيضًا الجانب الواقعي في المجموعة، حيث رأى البعض أن النصوص تحمل صراعًا يوميًا للإنسان البسيط، لكن من زاوية مختلفة تعتمد على التعرية النفسية والخيال الواسع.
كما تضم المجموعة إشارات واضحة إلى نقد الفساد الاجتماعي، مع ربطه بسياقات رمزية وتخييلية تزيد من قوة الرسالة دون مباشرة أو خطابية.

• ١٣ قصة في ٩٠ صفحة… رحلة داخل رأس إنسان

تتكون «مقطع في مخ رجل مجنون» من ١٣ قصة موزّعة على ٩٠ صفحة، لكنها — كما وصفها الحضور — تبدو كرحلة واحدة داخل رأس إنسان يواجه ذاته، ويصطدم بأفكاره، ويحاول جمع شتات العالم من حوله.

• أدب الرحلة حاضر بقوة

ومن النقاط التي أثارها النقاد أن الكاتب يملك قدرة على وضع أدب الرحلة داخل السياق السردي، فيحوّل التنقّل من مكان لآخر إلى انتقالات داخل النفس والفكر، وليس مجرد حركة جغرافية.

• حضور نقدي مميز في الندوة

شارك في النقاش د. صلاح معاطي الكاتب والسيناريست المعروف، إضافة إلى قيادات النقابة ومجموعة من الأدباء الذين أكدوا أن المجموعة تمثّل خطوة جديدة في مسيرة زين العابدين، وتكشف عن كاتب لا يخشى التجريب ولا يساوم على أصالته الأدبية.

قدّمت ندوة «مقطع في مخ رجل مجنون» صورة شاملة لكاتب يسير بثقة نحو مشروع سردي خاص به، لا يكرر أحدًا ولا يسمح لأحد بأن يفرض عليه شكل الكتابة.
إنها مجموعة تلتقي فيها الفلسفة بالشعر، والسيريالية بالواقع، والبساطة بالعمق النفسي… لتؤكد أن الكاتب د. حسن زين العابدين يملك صوتًا مختلفًا يستحق المتابعة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى