الكهل ومضى قطار العمر!

سامي العثمان
سألت الكهل الذي تنحى وترجل وجلس في احد زوايا صالة منزله وعلامات الحسرة والالم بدت واضحة على محياه، حدثني عن قطار العمر الذي مضى؟
اجاب بكل عفويه بقوله ابتدءات سعادتي عندما صعدت لقطار العمر والذي كان دون رصيف ليعبر بي العديد من المحطات وكانت المحطة الاولى التي اطلقت عليها محطة السعادة ذلك باقتراني بأجمل زوجة شكلاً ومضموناً والتي كانت حلم حياتي، عبرت معها اجمل محطات العمر، كنا جسداً واحداً منصهراً ومتداخلاً في كل شيء الامر الذي انتج لنا الابناء الذين سعدنا بهم واضافوا لنا بهجة الحياة وجمالها، كان وضعي حينها المادي جيداً وكنت استمتع وانا اوجه الحياة بكل حلوها ومرها متجاوزًا الكثير من العقبات حتى اسعد زوجتي وابنائي ، ويمر بنا قطار العمر صعوداً ونزولاً، كانت زوجتي صمام الامان للجميع في منزلنا وذلك لحسن خلقها ودينها وقد وهبها الله العديد من الملكات والمواهب فضلاً عن محبة الاخرين لها، وحضورها الطاغي والمؤثر بين جلاسها في المجتمع وهذا الامر كان يسعدني للغاية وينعكس بشكل مباشر على مسيرة قطار العمر الذي مررت به، وكأنني من يقود القطار ويحدد مساراته ليقف في محطات السعادة والفرح والبهجة والسرور، ولكن دوام الحال من المحال كما يقول المثل فبعد ان اقتربت من كثيراً من الكهولة وتردى وضعي المالي تغير كل شيء لم تعد تلك النسمة العطرة تتثر نسماتها وعطرها الفواح على كهولتي واصبحت خارج الزمن والمكان ،اختفت كل مظاهر الحب والعشق بل اتجهت للتضاد تماماً، وكانت الوحدة القاتلة كانت لي بالمرصاد،فقد توقف تماماً قطار العمر ومحطاته التي كانت تحمل الامل والسعادة واصبح قطاراً تعيساً فاقد لكل معاني الحياة بل واحيل لمقبرة القطارات بعد ان اعلن عدم صلاحيته وان جميع المحطات ترفض استقباله بعد ان شاخ واصبح في مهب الريح، تقاعد قطار العمر وتم القذف به خارج الزمن، ومع خروج قطاري خارج الزمن الا انني لازلت اعيش في داخلي واحاسيسي وكأنني لازلت اصعد للقطار كأول مرة صعدت له كون الذكريات هي المتنفس الوحيد الذي بقي لي في هذه الحياة.
هكذا ايها السعادة نقلت لكم وبأختصار شديد كيف يشعر ” الكهل” وان كنت اعتقد ان هناك الكثير لم يبوح به الكهل ولكن وعدني في وقت اخر سيكمل كيف مضى بقية مسيرة قطار العمر، تحياتي للجميع