عاجلمقالات

بدعم من القيادة الصينية ومشاركة المجتمع الدولى

مؤتمر جماهيرى بدعم ولى العهد السعودى "محمد بن سلمان" والرئيس "السيسى" لمكافحة الإرهاب فى المنطقة

 

بقلم: د. نادية حلمى

أستاذ مساعد العلوم السياسية بكلية السياسة والإقتصاد/ جامعة بنى سويف- خبيرة فى الشئون السياسية الصينية- محاضر وباحث زائر بمركز دراسات الشرق الأوسط/ جامعة لوند بالسويد- مدير وحدة دراسات جنوب وشرق آسيا- عضو ملتقى الخبراء والباحثين العرب فى الشئون الصينية

جاءت الدعوة الرسمية التى تلقتها الباحثة المصرية يوم الأثنين الماضى الموافق 14 أكتوبر 2019، من صديقى المقرب السفير السويدى بالقاهرة “إيان تيسيليف”  Jan Thesleff – الذى يحرص على دعوتى دوماً لحضور كافة الفعاليات التى تشهدها السفارة السويدية فى القاهرة – لحضور الفعالية الدولية الهامة المرتبطة بــ “دعم الإتحاد الأوروبى لقضايا تمكين المرأة فى مصر”. حضر هذه الفعالية عدد كبير من سفراء ودبلوماسيى أوروبا فى القاهرة، فضلاً عن ممثلى دول الإتحاد الأوروبى، وعلى رأسهم سفير بعثة الإتحاد الأوروبى إلى القاهرة السيد/ إيفان سوركوش Ivan Surkoš

كانت القضية الأخطر التى كنت أتناقش قبلها مع الجانب الصينى هى موضوع “مكافحة الفوضى والإرهاب” فى الصين والمنطقة، وضرورة أن يضطلع المجتمع الدولى بالدور المنوط به فى دعم شعوبنا، وعدم التدخل فى شئوننا الداخلية عند إتخاذ أى إجراء يهدف لمكافحة الفوضى والعنف فى بلادنا. ومن هنا، فأنا قررت أن أنقل للجانب الأوروبى وجهة نظر الصين فى هذا الشأن، مدعوماً بتأييد مصر والسعودية “رسمياً” – من خلال لقاءات سابقة تمت بين زعماء البلدان الثلاث “مصر، السعودية، الصين” – لقضايا مكافحة الفوضى وإثارة العنف والشغب، وإحترام مبدأ “عدم التدخل فى الشئون الداخلية فى الدول الأخرى”.

كان هناك إهتماماً شديداً من ممثلى دول الإتحاد الأوروبى والدبلوماسيين الأجانب فى القاهرة للإستماع والإنصات لى بصفتى وجهاً معروفاً لديهم كخبيرة مصرية معروفة لديهم فى المنطقة فى الشأن السياسى الصينى وللسياسات الصينية فى المنطقة، والذين طلبت منهم تحديد ميعاد معهم لشرح الملف كاملاً، وعرض وجهة نظر الصين “الرسمية والشعبية” فى هذا الأمر، والأهم هو: ما يمكن أن تقدمه الصين لنا ولشعوب المنطقة من مساعدات وإسهامات لمكافحة الإرهاب والفوضى والعنف؟، ونجحت بالفعل فى أن أجعلهم “يستمعون وينصتون” جيداً لما أقول بشأن دورهم معنا فى وقف العنف الدائر فى أوطاننا، مع ترتيب لقاءات ثنائية معهم من أجل فقط أن “ينصتون” لى وأنا أشرح لهم قضيتى بحضور أطراف صينية أخرى ترغب فى طرح رؤيتها.

وتصادف ذلك بعدها بعدة أيام أن حدثنى أحد الكتاب السعوديين “المعروفين” وهو الأستاذ/ سامى العثمان رئيس تحرير صحيفة العروبة اليوم السعودية، لعقد مؤتمر كبير نتحدث فيه سوياً حول: العلاقات السعودية المصرية الشعبية….. فكتبت للجانب الصينى “رسالة محددة” أشرح لهم فيها مشاركتى لأطراف “سعودية” فى عقد هذا اللقاء الهام، موجهة رسالة مفادها: أننى سأضيف لهذا المؤتمر “دعم القيادة الصينية لمصر والسعودية فى مواجهة الإرهاب والتطرف والعنف”، بل وكل محاولات إثارة الشغب والفوضى فى مصر والسعودية والمنطقة. فجاء الترحيب الصينى كبيراً بتأييد عقد مثل هذا اللقاء المصرى – السعودى المشترك برعاية صينية.

ولمن لا يعلم، فقد أدرج الرئيس الصينى “شى جين بينغ” (رسمياً) الإرهاب، إضافةً إلى التطرف والإنفصاليّة، فى خانة “الشرور الثلاثة” التى تحاربها بلاده، وذلك فى خطاب ألقاه فى شهر يونيو عام 2017، أمام قمة “منظمة شنغهاى للتعاون” فى العاصمة الكازاخستانية نور- سلطان (المعروفة حينها بإسم أستانا).

فالصين دولة عظمى إقتصادياً، ونحن لدينا خطط طموحة ولدينا مشاريع إقتصادية كبرى فى مصر والسعودية والمنطقة تحتاج مشاركة صينية ولدينا إستثمارات سابقة وعقود موقعة مع الصين، لذا، فإن الصين تنشد الإستقرار والهدوء فى المنطقة بعيداً عن أى أجندة “مسيسة” لإحداث الفوضى والعنف بدعوى “التغيير” من أجل إستكمال ما بدأته من خطط ومشاريع إقتصادية تنفيذاً لمبادرتها “الحزام والطريق” – وهو برنامج الصين الضخم والمتواصل فى الإستثمارات العالمية- التى تعتبر مصر والسعودية أهم شركائها فى هذه المبادرة الدولية، وتأتى زيارة سمو ولى العهد السعودى الأمير “محمد بن سلمان” للصين فى شهر يوليو الماضى لتضيف المزيد من القوة للتعاون الإقتصادى بين البلدين، فضلاً عن الزيارات المتكررة للرئيس “عبد الفتاح السيسى” لزيارة الصين بدعوة من نظيره الرئيس الصينى “شى جين بينغ”.

ويأتى الإهتمام الصينى بدعم مصر والسعودية ودول العالم فى مكافحة الإرهاب، خاصةً مع توسع مبادرة “الحزام والطريق”، والتخوف الصينى من تلك العواقب والمخاطر الأمنية لبناء مشاريع إستثمارية وإقتصادية ضخمة فى مناطق تعانى من ويلات الحروب الأهلية والفوضى وعدم الإستقرار وفشل أجهزة الدولة فى البلدان المعنية من التصدى له. لقد أصبحت الصين بالفعل هدفاً فى بلدان مثل باكستان، حيث هوجِمَت قنصليتها وكان مواطنون صينيون، من بينهم مسؤولون حكوميون ورجال أعمال بارزون، عرضة للهجمات والإختطاف من أجل الحصول على فدية. (فقد أعلنت جماعة انفصالية باكستانية تُعرف بإسم (جيش تحرير بلوشستان) مسؤوليتها عن الكثير من تلك الهجمات). كذلك كان المواطنون الصينيون ضحايا لأحداث إرهابية أخرى فى أفريقيا أيضاً، حيث هاجمت جماعات مرتبطة بتنظيمَى “الدولة الإسلاميّة” و “القاعدة” أهدافاً سهلة وضعيفة من بينها فنادق. وهى كلها حوادث إرهابية تعرضت لها الصين – مصالحها ومواطنوها – فى أنحاء متفرقة عبر العالم، مع عدم تغطية وتسليط وسائل إعلامنا المصرية والعربية لها نتيجة لقصور المعلومات المتداولة لدينا عن الصين، وما تتكبده وتعانيه – داخلياً وخارجياً – فى مجال مكافحة الإرهاب.

ومن خلال تخصصى الدقيق كأكاديمية وأستاذة جامعية فى العلوم السياسية، وقدرتى على إستخدام كافة أدوات التحليل السياسى، وعلى رأسها – تحليل مضمون الخطابات السياسية وما وراء النص وما لم يقل فى النص، وإستعراض كافة عبارات الشحن الوجدانى والعاطفى للحشد فى أى مناسبة سياسية وعمل قياسات نفسية وتحليلات كمية للعبارات المستخدمة، وربطها بلغة التوافق الجسدى والثبات الإنفعالى عند طرح أى خطاب سياسى وقضية مثارة بداخله، وهى المهارة التى أشعر معها وأنا أؤديها بحرفية شديدة لتمرنى الطويل عليها بمتعة ذهنية لا تضاهيها أى متعة أخرى- فضلاً عن دأبى الدائم على الإستماع بعناية لكافة خطابات سمو ولى العهد السعودى “محمد بن سلمان”، والرئيسان “السيسى وشى جين بينغ” وتقديمى لبحث دولى بالفعل فى هذا الموضوع، فلقد توقفت طويلاً عند “عبارات وقضايا مفتاحية” تهم الزعماء والقيادات الثلاث (المصرية – السعودية – الصينية) المتمثلة فى “مكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية والتطرف والفوضى بل والتصدى للشائعات ومروجى الأكاذيب”، وطلب الدعم لمواجهتها شعبياً ودولياً.

وأتت زيارة سمو ولى العهد السعودى “محمد بن سلمان” للقاهرة فى شهر نوفمبر 2018 ولقائه بالرئيس “السيسى”، بمثابة رسالة لداعمى الإرهاب – وفق ما أبرزته الصحف السعودية حينها – بأن البلدين مصممان على التصدى لتلك الظاهرة التى تمثل خطراً على مختلف الشعوب، وأن تعاون السعودية ومصر يفشل مخططات قوى الشر للنيل من إستقرار وأمن شعوبنا”.

كما تأتى جهود المملكة العربية السعودية ومشاركتها المجتمع الدولى فى جهود مكافحة الإرهاب فى عهد سمو ولى العهد الأمير الشاب “محمد بن سلمان”، وتأكيد المملكة السعودية خلال مشاركتها في المؤتمر الوزارى الدولى لــــ “تعزيز مستقبل السلام والأمن فى الشرق الأوسط” الذى عقد فى “وارسو” فى شهر فبراير 2019، وما تم خلاله (رسمياً) من تأكيد إستمرار المملكة فى دورها الريادى وجهودها ومبادراتها فى محاربة الإرهاب والتطرف بما يضمن التعاون والتنسيق الداعم للجهود الدولية والإقليمية فى القضاء على التنظيمات الإرهابية.

وجاءت زيارة ولى العهد السعودى “محمد بن سلمان” إلى الصين ولقائه بالرئيس “شى جين بينغ”، وكلمته المحددة بشأن تعاون السعودية مع الصين فى مجال مكافحة الإرهاب، والتى شهدت إحتفاءاً كبيراً من جميع وسائل الإعلام الصينية، خاصةً عندما أكد (حرفياً) بأن “الصين لديها الحق فى القيام بأعمال مكافحة الإرهاب من أجل أمنها القومى”، وقال الرئيس الصينى “شى جين بينغ” لإبن سلمان (حرفياً) أيضاً: بأن “بكين والرياض يجب أن يعملا معاً، لمنع تسلل وإنتشار الفكر المتطرف”.

وعلى الجانب الآخر، فعلى المستوى الدولى، فقد جاءت كلمة الرئيس “عبد الفتاح السيسى” فى إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء الموافق 24 سبتمبر 2019، بأن بلاده “أطلقت خطة طموحة للنهوض بمجتمعها على نحو شامل بما فى ذلك التصدى للإرهاب، وعبر خطة إقتصادية طموحة، لم تشهدها مصر من قبل”. مع حرص الرئيس “االسيسى” على تكرار عبارة إستعداد بلاده للتعاون الدولى فى مجال مكافحة الإرهاب، مطالباً بإتباع نهج شامل لمكافحته بما يتطلبه ذلك من محاربة الفكر الإرهابى، ومحاسبة الدول المتورطة فى دعمه وتمويله وفتح منابر إعلامية له.

وفيما يتعلق بمستوى العمل الداخلى، فقد إستعرض الإجتماع الأخير للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، برئاسة الرئيس السيسى، يوم الخميس الموافق 3 أكتوبر 2019، عدداً من الملفات والموضوعات ذات الصلة بأنشطة ومهام القوات المسلحة، وجهودها فى حماية ركائز الأمن القومى المصرى على جميع الإتجاهات الإستراتيجية، ومكافحة الإرهاب، بالتعاون مع مختلف مؤسسات الدولة.

ومن هنا، جاء تأييد الرئيس الصينى “شى جين بينغ” الحاسم فى دعم جهود مصر والرئيس السيسى فى مكافحة الإرهاب، عبر البرقية الرسمية التى أرسلها لنظيره المصرى الرئيس “السيسى” فى شهر أغسطس الماضى، معرباً فيها عن دعم الصين القوى لجهود مصر في حماية الأمن والإستقرار القومى ومكافحة الإرهاب، ومعارضة بكين بحزم لجميع أشكال الإرهاب فى مصر.

وبناءاً على ما سبق، ومن خلال عرضى لمواقف الرئيسان “شى جين بينغ” و “السيسى” وسمو ولى العهد السعودى “محمد بن سلمان” لمكافحة قضايا الإرهاب والتطرف والعنف والفوضى وإثارة الشغب، ومكافحة حرب الشائعات ومروجى الأكاذيب، فضلاً عن ترحيب المجتمع الدولى للإستماع لى كما ذكرت فى بداية المقال، فأنا أعتقد أن الإعداد لهذا المؤتمر المصرى – السعودى المشترك برعاية صينية لمواجهة قوى الإرهاب والتطرف فى أوطاننا، وبحضور بعض وسائل الإعلام الدولية وعدد من الدبلوماسيين الأجانب فى القاهرة – الذين سأحرص على دعوتهم لمشاركتنا الرؤية – ربما سيكون فرصة سانحة للحصول على دعم وتأييد دولى للدول الثلاث (الصين، السعودية، مصر) فى مجال مكافحة الإرهاب، وما يترتب تحته من إجراءات وتدابير إحترازية تتخذها البلدان الثلاث.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى