
الكثير منا يتابع الوضع في السودان وبطبيعة الحال نناقش معارفنا من زملاء وأصدقاء سودانين أحد الأصدقاء السودانين بعث لي هذه الرسالة مفيداً أنها متداولة لدى السودانين دعونا نقراء هذه الرسالة التي تقول :
مشكلتنا مع الدعم السريع ليست ثقافية ولغوية حتى نسخر من الطريقة التي يتحدثون بها وطريقة حديثهم؛ السودان الذي أنتج الدعم السريع متعدد اللغات وهذه الكلمات التي نسخر منها هي كلمات رائجة عند أهلنا في كردفان ودارفور.
أرجو أن نترك السخرية الهشة التي يمارسها إنسان الوسط على الآخرين.
الجنجويد ضحايا النظام المدني الذي خرجوا منه بلا إمتيازات، لا مدارس ولا تعليم يكسبهم الوعي الكافي لمعرفة أهمية التغيير بالنسبة لهم ولأجيالهم القادمة، ولا بيئة حياة تتوفر فيها أدنى سبل الرفاهية ليكتشفوا من خلالها العالم؛ ولا كهرباء تعمل حتى ولو لساعة في اليوم ليشحنوا بها هواتفهم.
الإستهتار بأسمائهم ولغاتهم و لهجاتهم التي يتحدثون بها ووصفهم بالجهل المريع هو فشل النظام المدني وفشلنا جميعاً، والاستمرار في الاستهتار بهم يعني تعالينا الهمجي عليهم وعدم استعداد منا لتقبّل إختلافاتنا وإحترامها. نحن دولة متعددة اللغات والثقافات، فلماذا نجبر الآخر أن يكون نسخة منا؟
نهتف في مواكبنا “بحرية سلام وعدالة”، ونحن أبعد ما يكون عن هتافاتنا، نجبرهم ونبعدهم عن المدنية التي ننادي بها بدلاً عن توفير بيئة مناسبة لهم ليندمجوا معنا فيها. وجدنا أحسن تعليم وصحة وخدمات أساسية كلها غير متوفرة لهم، وعاشوا في حروب صنعها لهم نفس الشخص الذي توفرت لديه تلك الخدمات.
التهميش الذي عاشه إنسان الجنجويد والإبادات التي إرتكبها وأرتكبت بحقه، جعلهم في خانة المشكلة وحلها معاً. ورطتهم الحكومات السابقة والحالية والمجتمع المدني الهش الذي لم يحرّك ساكناً طوال فترة تهميشهم وتجهيلهم، ومن بعد صنع حروب جعلهم هم وقودها. وهاهي النتيجة الآن مشكلة لا حل لها.
في الوقت الذي أكتب فيه هذه المنشور من هاتفي الذكي، هناك مناطق لم تصلها شبكة الإتصالات والكهرباء نفسها ناهيك عن الإنترنت الذي يعتبر رفاهية لا يمكن الوصول إليها، وأنت تتضاحك جاهلاً بأنّ الجنجويد ذهب للعربي ليعملوا له (بصمة يد ب ١٠٠ جنيه)، وتلومونهم لماذا إنضموا للدعم السريع!
شباب كثر بل أسر كثيرة إنضموا للدعم السريع لأنه يوفّر لهم وظائف ومساكن، ولأنهم يعتقدون بسبب جهلهم أنّهم يحمون السودان بالقتل والبطش. وأظنكم رأيتم كمية التدجين والتلقين الذي حدث للذين إرتكبوا مجزرة فض الإعتصام؛ كانوا يعتقدون فعلاً بأننا كفار وأنّ ما نفعله هناك في الإعتصام كفر بواح.
أرجو أن نبطل الإستعلاء والفوقية الساذجة التي نمارسها كأبناء مدن ومركز ونفهم الأسباب التي جعلت أبناء البادية المهمشة هكذا، نجلس معهم ونناقشهم لنجد الحلول لمشاكلهم وكيفية دمجهم.
ثورة وعي تعني تفهم إختلافاتنا وإحترامها، ثورة وعي تعني العدالة الإجتماعية وتوزيع فرص متكافئة.
لكي نبني السودان ويقف على أرجله، لا بد أن نتشارك جميعاً في بناءهِ، فإبن المركز وحده لن يبنيه وبالتالي من الأفضل أن ننزل من أبراجنا العالية والجلوس مع أبناء البادية رغم خوفنا منهم ومناقشتهم لمعرفة مشاكلهم، وإحترام إختلافاتهم من ثقافة .. لغة وعادات حتى بعدها نحلم بوطن مرتجى حقاً.
وختم رسالته بهذه العبارة :
الفهمتو انو احنا زات نفسنا محتاجين تأهيل شديد .
حريه سلام وعداله، دي بنقوله لكن ما فاهمين معناها شنو
وبعد أن أطلعتم على رسالة صديقي السوداني أرجو أن لا يؤثر تقرير لجنة التحقيق في فض اعتصام الخرطوم على ما وصل الية أخوننا في السودان حفظ الله السودان وشعبة الطيب .
عبدالله بن حمد الحلوة
Abdullah.alhelwah@gmail.com
تويتر:@abdullaalhelwah