مقالات

عباسي مدني في ذمة الله

أحمد الاشرفي

 

بعد استقلال الجزائر عام 1962 عاد عباسي مدني إلى مقاعد الدراسة وأكمل ليسانس في الفلسفة ثم واصل الدراسات العليا وما بين 1975 و1978 درس في العاصمة البريطانية وحاز على الدكتوراه في مادة التربية، وأسس في 1988 الجبهة الإسلامية للإنقاذ  يعاونه أصحابه علي بن حاج و هاشمي سحنوني . وفي يونيو 1990م فازت الجبهة الإسلامية بالأغلبية في مجالس البلديات والولايات في أول اقتراع تعددي تشهده الجزائر ، وتم اعتقاله في يونيو 1991 بعد الاحداث الدامية التي عرفتها الجزائر.

وقد توفي الشيخ عباسي مدني يوم الأربعاء 24 إبريل 2019 بالدوحة عن عمر ناهز الثمانية والثمانون سنة ، وبعد أفول نجمه في الجزائر بسبب ما ارتكبه تنظيمه من أحداث مؤسفة، اضطر الى مغادرة الجزائر الى بريطانيا وانتهى به الحال والمآل في الدوحة وكان عمره وقتها ثلاثة وسبعين سنة،  وقضى في ضيافة تنظيم الحمدين وتحت جنح زعيم الإرهاب القرضاوي ما يقرب من خمسة عشرة سنة، ليموت فيها وحيدا طريدا شريدا ، والغريب أن يسلم عباسي مدني الروح الى بارئها، وشعب الجزائر ينفض عن نفسه كل تبعات العشرة السوداء التي تزعم فيها عباسي مدني ومعه علي بن حاج و هاشمي سحنوني .. الجبهة الإسلامية للإنقاذ ليقضي في منفاه بالدوحة بقية عمره ، ولم يجد مأوى له الا قطر (تماما كما هي عادة ونشاط دولة قطر في استضافة كل إرهابيي العالم ومنهم قيادات خوان المسلمين وطالبان، وقائد مليشيات تشاد وغيرهم)،  ليتنقل(بن مدني)  بين الدوحة واستانبول يلوك فيهما ما بقي له من فكر ارهابي مريض .

تاريخ  الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر تاريخ أسود من الليلة الظلماء حالكة السواد، حيث كانت حصيلة نشاطها أكثر من ربع مليون شهيد، وكأن قدر الجزائر أن تقدم شهداءها بالملايين سواء في التحرير من الاحتلال الفرنسي ، أو في التحرير من براثن الجماعات الإسلامية الإرهابية التي لم تجد إلا العنف والقتل والسلاح والتدمير والتفجير لنشر مبادئها، مخالفة بذلك تعاليم الدين الإسلامي الصحيح (أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)، وإذا كان للرئيس بو تفليقة من عمل يحمد عليه طيلة مدة العشرين سنة التي حكم فيها الجزائر) فيكفيه شرفا أنه كان له الفضل بعد الله في القضاء على الحرب الاهلية التي كانت تؤجج نارها، بالسلاح والقتل والإرهاب  والتدمير(الجبهة الإسلامية للإنقاذ) برئاسة عباسي مدني ، نسأل الله أن يجازيه بأفعاله.

 

والسؤال لماذا لجأ عباسي مدني الي بريطانيا، بعد تفكيك حركته من الجزائر وطرده منها زمن الرئيس بوتفليقة ليستأنف من بريطانيا نشاط جبهته ولو سرا؟ … والاجابة هينة يسيره فعلى الرغم من أن بريطانيا – كما يقال عنها- بأنها دولة ديمقراطية حرة، إلا أن شأنها شأن عدد من الدول الغربية مثل فرنسا، وحتى الولايات المتحدة .. فهذه الدول تتخذ من الحركات (الإسلامية) متكأ يمكن أن تعتمد عليه – بعد اعتمادها على الشيطان- في نشر القلاقل بالدول العربية، لذلك كان الدعم البريطاني غير المحدود لقيادات الاخوان ولجميع الحركات الإسلامية (سنية وشيعية) بعد أن وفرت لهم المأوى الامن والابواق والقنوات ومنحتهم جنسيتها بشروط غير معلنة وهي أن تمارس هذه الجماعات نشاطها في بلادها وليس في بريطانيا.  بل فعلت أكثر من ذلك حيث وفرت لأعداء الإسلام ومنهم ياسر الحبيب الكويتي الشيعي التي سحبت الكويت جنسيتها منه ولجأ هو ومن معه الى بريطانيا التي صرحت له (بعد منحه جنسيتها) بأن ينشئ قناة (العترة) ليبث سمومه منها تحت سمع وبصر الحكومات البريطانية المتعاقبة ولا تزال، حيث يقوم ياسر الحبيب من خلال قناته بسب ولعن الصحابة وأمهات المؤمنين، وتتركه بريطانيا ( باسم حرية الرأي) بأن يؤلف كتابا (ملعونا) يزيد عن  ألف صفحة( من القطع الكبير) ممولا من ايران بعنوان (عائشة الفاحشة) …. ونفس الشيء فعلته فرنسا عندما احتضنت (خوميني) وانتقل الى ايران على طائرة فرنسية ليقتل ويرهب ويدمر إيران فوق رؤوس شعبها ويهدد الدول العربية بتصدير ثورته لها … ولحق به الغنوشي (زعيم الحركة الإسلامية) في تونس ، والذي حاول أن يستفيد من التجربة المصرية لذلك هادن وبمكر السيء ودهاء مكشوف،  نظام الحكم الذي أتى بالرئيس(قايد السبسي) المحسوب على من كان قبله ، ولكن عينه وعين حركته كانت ولا تزال على تونس كلها إن استطاع إلى ذلك سبيلا …

أما أمريكا فقد استعانت بأسامة بن لادن والظواهري (وهما منسوبان للإخوان) في إنشاء تنظيم القاعدة لطرد الروس من أفغانستان، ومولتهم بالصواريخ والأسلحة المختلفة حتى تحقق لها ما أرادت.  وبعد أن قويت شوكة القاعدة (انقلب السحر على الساحر) ولم تعد أمريكا قادرة على مواجهة نشاط القاعدة (أو هكذا قيل)  بعدما خرج منها كل التنظيمات الإرهابية (داعش والنصرة وغيرهما) والتي ابتليت بها جميع الدول العربية بل والعالم ومنها دول في أوروبا ، وآخرها ما أحدثته الجماعة الإرهابية  في سيرلانكا والتي قيل بأنها مدعومة من قطر ومن القرضاوي شخصيا

المهم أن القاسم المشترك الأكبر الذي يقف وراء كل هذه التنظيمات الإرهابية هي دولة قطر باعتبارها الحاضنة للإخوان (أساس الداء وسبب البلاء) وكل من خرج من عباءتها من تنظيمات إسلامية، والممولة لنشاطهم بأموال الشعب القطري الشقيق، ثم بالتدريب والتسليح التركي والإيراني والحمساوي الاخواني.. يحدث ذلك الان وعلى المكشوف في ليبيا التي تنتشر فيها  وخاصة في طرابلس التنظيمات الإرهابية المنسوبة زورا للإسلام، الامر الذي دفع قوات الجيش الليبي الوطني بقيادة البطل خليفة حفتر الى مواجهة السراج وميليشياته التي تدعمه..

والسؤال هل الحراك الذي يتم في كل من الجزائر وليبيا والسودان، وقبله الذي تم في مصر والأردن، لمواجهة الحركات المتأسلمة (باسم الدين) يلفظ أنفاسه الأخيرة بموت قياداتهم (عاكف وبن حاج، ثم عباسي مدني) وقريبا بإذن الله القرضاوي الذي طال عمرة وساء عمله والقيادات التي تستضيفها قطر وتركيا ، أم بيقظة الشعبين فيهما (في قطر وتركيا) بحقيقة الدور المشبوه لقيادتهم الداعم للارهاب العالمي … هذا ما ستنبئ به الاحداث في المستقبل ، ولا يفوتني تحذير أمير المؤمنين ملك المغرب من الحكومة الاخوانية التي يمثلها الوزير المغربي الأول حاليا، وأفكاره الاخوانية التي يخدع بها الشعب…وفي كل خير، ولن يصح الى الصحيح (إن الله لا يصلح عمل المفسدين).

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى