
سعد آل محسن
رحلة مخزيه إنتهت بعرفة ، قاتلة «الرمز الأسطوري الكبير!»
وماذا لو أستمرت آالحياة ماذا كان سيحدث؟
رغم إصرار الفتوات على إنها لا رمزية، بل أسطورية أنفلق عنها آالقمر ، إلا إنها تحمل في طياتها دلالة تعود للعرجون القديم ، وأظنه نسي رغم ضيق الحارة وإنحسارها على البيت الكبير ، وبضعة أحياء ، آإن في آخرها قبو صغير ، أشد ضيقآ على أبن الجارية وتجاهل آإن الرمز الأسطوري الكبير لا ينفك من فينة لأخرى آإن يوبخه ويأمر جنده فينهالون عليه ضربا بالسياط ، حتى يذوق الموت ولايستسيغه ، ولايتحرج الموت في أن يقول له لقد أزف الوقت ولن يعود ، فلقد طغى على فؤآدك شذوذ إدريس ، ومن أعتقد بشذوذه فسيذوق وبال أمره ، ومن تراقص على أنغام “القبو” ضاحكا يحتسي “البوضة” ويتجرأ على تجاوز القيود فلا أبا له.
أما جرأة الوصف وإمتهان آالقدسية ، رواية لها حبكة أخرى بين الوسادات الحارة ، ولها صقيع يتهتك منه لحم الوجوه ، فلا يمكن لأي عقل مهما بلغت فطنته آإن يدرك القديم الذي لم يشهده ، وكيف له ذلك ، وهو لايدري كيف أتى إلي الحارة ولا يدري كيف عاش فيها ، ليقول متجرءا ماقال في حكاية أصلها إلي الواقع أقرب من الخيال ؟ ولابد أنه بعد إن أعتزل الحارة ، يعاني مرارة الوحشة ، والظلام ، وقد جنى ما قدمت شماله ليمينه ، الظلال آفة ، ومد البصر ، والتطلع إلي الأفق يكسر الرقاب ، فلا آمل يرجوه ، ولاقرطاس ، ولا دوات ، وقلم ، انه الخذلان آالمبين.
خطاب جاهل وتصوير شنيع وحبكة تصلح لزمانه فحدثه عقله آان الوقت قد حان لينطلق في فضاء رحب ويحاكي قرونا في أسطر هشة آانه يحسب أن الفكر أوسع ، وأشمل ، ألا فباء بأمهات القبس العظام.
أما كان للرسم الهندسي المتناهي الدقة ، والكون الواسع ، والحياة ، والموت ، وكل تفاصيل الإبداع دليل ينزهه «المقدس» من خزعبلات «عجيب» أصغر أولاد الحارة ، الذي ضاقت حوله الأراء ، وأتسع فيه الجدل.
من هنا بدأت حكايته المأساوية بوجهها الكئيب ،فقد ولد في كوخ صغير في ركن الحارة الشرقي الممتد إلي الصحراء ، يصرخ بفيء مليء بالعثرات ، ويضحك لأتفه الأسباب ، لايملك لنفسه ضرآ ، ولانفعا ، ترضعة جارية ، وترعاه جاريتن ، حتى بدأت قواه تحمله مرة ، ويسقط أخرى ، ويخطو خطوات متكسرة ، حتى بلغ من العمر ما يمكنه من الإعتماد على نفسه قليلآ.
وبدأ الغرور يغشى قلبه ، فجالس الفساق في شبابه وأعتزل آالصالحين من أبناء الحارة ، فعانق عقله وترجل عن صهوة الأدب ، بتفاصيل تروى مملوءة بالنكران ، والجحود.