قراءة ثانية لقرار المجلس الإنتقالي الجنوبي. حول الإدارة الذاتية للجنوب

في سبيل الإختصار والتخفيف على القارئ لن أعود إلى القراءة التي أصدرتها يوم ٢٦ إبريل ٢٠٢٠ ليلة صدوره والتي أثبت الوقت رغم قصره صحة معضمها على الأقل .
محليا لاقى القرار إستجابة شعبية كبيرة بما في ذلك أوساط السلطات المحلية في المحافظات وعلى رأسها عدن. مما سهل عناصر تنفيذه في ظل ضروف غاية في التعقيد .
هناك لا شك تلكؤ ضاهري من بعض قيادات المحافظات إلا أن الضغط الجماهيري لا يقاوم .
الاستجابة الشعبية الكبيرة ساعدت كثيرا في حسم الموقف في محافظة أرخبيل سقطرة بشكل سريع ودون خسائر .
الزخم الشعبي أيضا جعل السلطات المحلية ومنظمات دولية تتعاون بشكل كبير في مواجهة جائحة الكرونا وعلى رأس ذلك منظمة أطباء بلا حدود بإستلامها المحجر الصحي في عدن وبتعاون وثيق مع المجلس الإنتقالي والسلطات المحلية المختصة في عدن وكذا وزارة الصحة ممثلة بوزيرها معالي الدكتور ناصر با عوم .
أيضا هيأ أجواءا أكثر ملائمة وثقة للمنظمات المحلية ورجال أعمال وشخصيات خيرية في المساهمة الفعالة في معالجة أضرار السيول بعيدا عن الفساد والإستثمار السياسي الخبيث .
وبتعاون جماهيري واسع . إختفى بنفس الوقت دور جمعيات عرف عنها النشاط قبل وأثناء الإنتخابات والاستحواذ على المساعدات الإنسانية الإغاثية وعلى رأسها ما يقدمه مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية .(لا بد من معالجة جادة لدورها ).
لا شك هناك حملة تشكيك وتحريض تقاد من الخارج بمختلف وسائل الإعلام موجهة للداخل والخارج هدفها تفتيت الصف الجماهيري الملتف حول المجلس وتحريض الخارج وعلى رأس ذلك التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.
مستغلة بعض الثغرات التى فرض سوء الوضع في عدن جراء تراكمات سابقة بالإضافة إلى مستجد كوارث السيول وجائحة فيروس كرونا كوفيد ١٩ المستجد كذلك لإتخاذ القرار كحالة إنقاذ لا بد منها .
من تلك الثغرات التى فرضتها مثل تلك الأوضاع مع حلول شهر رمضان المبارك متمثلة بقصور التحضير الشعبي الكامل و مفاجأة الخارج بما في ذلك دول التحالف العربي .
ما جعل تلك القوى الظلامية المضادة تستغلها فرصة لإظهار المجلس في وضع المتمرد الذي واجه كل العالم .
متناسية تهمها الدائمة للمجلس بالعمالة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة .
إتحدت تلك الأصوات من داخل الشرعية مع صوت المليشيات الإنقلابية الحوثية وتناغمت بشكل عجيب. إلا إنه لا يثير الإستغراب لدى المتابعين .
بنفس الوقت برزت أصوات شجاعة من داخل مكونات الشرعية وأوساط الشعب المكافح والمعاني في الشمال ومثقفيه منصفة لقرار المجلس.
الكل يعلم بأن فرع الإخوان يستغل ضروف النازحين إلى مارب فيسلحهم ويحشدهم في محافظة شبوة مع سحب قوة من المناطق الحدودية مع المملكة وبقية الجبهات مع قوى إرهابية تنتسب لداعش والقاعدة على طريق حشدهم في شقرة محافظة أبين الباسلة تحت شعار إستعادة عدن لتفجير الوضع عسكريا بين الإخوة الجنوبيين ومناصريهم على طول وعرض الساحة ، إلا إن الوعي الوطني لدى القادة المرغمين على التواجد في تلك المنطقة خارج إرادتهم لضروف ساعد البعض في صنعها دون حسابات دقيقة وصفت بالتهور إستغلتها القوى الظلامية بخبث وإعدام ضمير، أولئك القادة الأوفياء جديرون بإفشالها دون ريب .
بالنسبة لمواقف دول التحالف وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر إلخ فقد جاءت رغم المفاجأة بعيدة عن الحدة داعية إلى تنفيذ محتويات إتفاق الرياض وهي التي تعلم من عرقل بل رفض تنفيذها بكل وضوح حد البجاحة، على إعتباره نصرا للإنتقالي ومطلبا ملحا لجماهيره الغفيرة التائقة للتحرر و للسلام .
من أهم المكاسب الخارجية تفهم المملكة العربية السعودية كقائدة للتحالف المتمثل بتصريح الناطق الرسمي باسم التحالف عن العلاقة السياسية والعسكرية الوطيدة مع القوات المشتركة للتحالف وادانته لمحاولات الايحاء لأبناء عدن والجنوب بوجود خلاف مع التحالف وإن ذلك من عمل قوى تتمنى ذلك .
كان قريبا من تلك المواقف موقفي الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي .
هذا ما يلفت الإنتباه إلى أهمية العمل الخارجي و في مقدمته ساحة الرياض والقاهرة و دول مجلس التعاون الخليجي و مجلس الأمن بمختلف منظماته وكل دول العالم وشعوبها .
يتأتى ذلك من خلال تنظيم نشاط الجاليات في مختلف مدن وعواصم العالم وبشكل دقيق وبالإستثمار الأمثل لما تحقق من مكاسب في هذا المجال مثل ممثلية الإنتقالي في واشنطن ونيويورك وفي الإتحاد الأوروبي إلخ .
سيعزز من نجاحات المجلس الإبتعاد عن روتين وبيروقراطية السلطة في قيادته للجماهير بالنزول إليها والإلتحام معها في كل ميدان من ميادين الفعل .
سيضطر ولا بد المجلس للإعتماد على عناصر عرفت بفسادها في تسيير مؤسسات خدمية تحت إشرافه، هذا ما يتطلب إختيار عناصر نزيهة بعيدة عن الرخاوة حتى لا يفسدها أولئك الفاسدون والإعتماد على المطرقة الشعبية المتصلة هنا في جموع الموظفين والجماهير المتضررة من سوء الخدمات .والاستعانة بالخبرات والكفاءات النزيهة وتوزيع المهام.
بواكير النجاح بائنة للعيان و ملموسة للعميان، تعالوا لترو شوارع كريتر والمعلا والتواهي وخور مكسر وماشهدته من تحسن مديريات الشيخ والدار والمنصورة إلخ ناهيكم عن بقية المحافظات ، بالإضافة الى التحسن الملحوظ في مجالي الكهرباء والمياه.
أكرر هنا لضمان النجاح التام الإلتحام بالجماهير داخليا وتعزيز العمل الخارجي والإستفادة القصوى من الكفاءات المهمشة والفاعلة في مختلف المجالات .والوقفات التقييمية الجادة بشكل مستمر و جمع وتحليل ردود الأفعال الداخلية والخارجية بذهنية إستراتيجية عالية .
وإلى اللقاء في قراءات قادمة بإذنه تعالى .
الخبير العسكري والاستراتيجي العميد الركن علي ناجي عبيد .