لماذا يتلاعب الغرب بِنَا !!

سامي العثمان
عندما قرر العاهل السعودي الملك سلمان وولي عهده محمد بن سلمان تلبية نداء الشرعية في اليمن؛ لتخليصهم من المشروع الفارسي الخميني الذي استخدم الحوثي لابتلاع اليمن، وعندما دعى ولي العهد محمد بن سلمان لإنشاء التحالف الإسلامي لمواجهة الاٍرهاب، أوجد كل ذلك غُصةً في حناجر الغرب الذين دأبوا على زرع الفتن والانقسام والقلاقل في الجسد العربي، ومنذ اتفاقية سايكس بيكو وحتى سايكس بيكو الجديدة وبثوبها الحالي الذي يتجاوز خطورة الاتفاقية السابقة بكثير ويأتي هذا الأمر من ضمن المخطط والمؤامرة التي قادتها أمريكا.
في عام ١٩٨٠صرح مستشار الأمن القومي الأمريكي بريجنسكي بقوله بأن المظلة التي ستواجه أمريكا تتمثل في كيفية تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الحرب الخليجية الأولى التي حدثت بين العراق وإيران، وتستطيع أمريكا من خلالها تصحيح حدود سايكس بيكو الجديدة، وكان ذلك التصريح بمثابة إطلاق العنان وبتكليف من البنتاجون للمؤرخ الصهيوني برنارد لويس لوضع مشروعه الصهيو أمريكي بخصوص تفكيك العالم العربي والإسلامي، ومن تلك الدول العراق وسوريا ولبنان ومصر والسودان والسعودية ودوَل الخليج وباكستان، وبقية الدول العربية والإسلامية.
مخطط برنارد لويس لتقسيم العالم الإسلامي
الجزء الأول: عقب اتفاقية سايكس- بيكو 1916 تم تقسيم ما تبقي من المشرق العربي عقب الحرب العالمية الأولي بين إنجلترا وفرنسا، أعقب ذلك وعد بلفور 1917 والذي ينص على تأسيس دولة لليهود في فلسطين.
وفى عهد جيمي كارتر الذى كان رئيسًا لأمريكا فى الفترة من 1977- 1981 تم في عهده وضع مشروع التفكيك, الذى وضعه فى عهده “برنارد لويس” المستشرق الأمريكي الجنسية, البريطاني الأصل، اليهودي الديانة، الصهيوني الانتماء الذى وصل إلي واشنطن ليكون مستشارًا لوزير الدفاع لشئون الشرق الأوسط. وهناك أسس فكرة تفكيك البلاد العربية والإسلامية, ودفع الأتراك والأكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين ليقاتل بعضهم بعضًا، وهو الذى ابتدع مبررات غزو العراق وأفغانستان.
الجزء الثاني: وضع “برنارد لويس” مشروعه لتفكيك الوحدة الدستورية لجميع الدول العربية والإسلامية، وتفتيت كل منها إلي مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية، وأوضح ذلك بالخرائط التى بيَّن فيها التجمعات العرقية والمذهبية والدينية التى على أساسها سيتم التقسيم، وسلم المشروع إلى بريجنسكي مستشار الأمن القومي في عهد جيمي كارتر، والذى قام بدوره بإشعال حرب الخليج الثانية حتى تستطيع الولايات المتحدة تصحيح حدود سايكس بيكو لتكون متسقة مع المصالح الصهيو أمريكية.
وافق الكونجرس الأمريكي بالإجماع وفي جلسة سرية عام 1983م علي مشروع برنارد لويس، وتمَّ تقنين المشروع واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأمريكية الاستراتيجية المستقبلية؛ وهى الاستراتيجية التى يتم تنفيذها وبدقة وإصرار شديدين ولعل ما يحدث فى المنطقة من حروب وفتن يدلل على هذا الأمر.
كان مبرر برنارد لويس لهذا المشروع التفكيكى أن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضرهم، وإذا تُرِكوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمِّر الحضارات، وتقوِّض المجتمعات؛ ولذلك فإن الحلَّ السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أمريكا بهذا الدور فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة؛ لتجنُّب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان، إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلي وحداتٍ عشائرية وطائفية، ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثُّر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم، ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك، إما أن نضعهم تحت سيادتنا، أو ندعهم ليدمروا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة علي الحياة الديمقراطية، وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع من أن تقوم أمريكا بالضغط علي قيادتهم الإسلامية – دون مجاملة ولا لين ولا هوادة – ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة، ولذلك يجب تضييق الخناق علي هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية فيها، قبل أن تغزو أمريكا وأوروبا لتدمر الحضارة فيها.
يبقى أن أقول أيُّها السادة، نستطيع مواجهة الغرب والإطاحة بأهدافهم ومخططهم الذي يتجدد في كل حقبة زمنية تحت عنوان سايكس بيكو الجديدة، إذا ابتعد المتأسلمون عن استخدام الإسلام وتوظيفه لتحقيق مصالح فِرَقٍ مارقة يستخدمها الغرب كيفما يشاء لتنفيذ استراتيجيتة الاستعمارية، وأبعدنا الفقيه المزعوم الباحث عن السلطة باسم الدين بعد إدراجه لمفردات وأدوات بعيدة تمامًا عن المقاصد الشرعية، فالسياسة لها رجالُها والدين له علماؤه، نُضيف لذلك الإصلاح الاقتصادي والسياسي، والابتعاد عن صندوق النقد الدولي الذي يرأسه يهودي صهيوني، والذي يسعى جاهدًا لخراب الدول قاطبة وإفشالها، كما حدث في أمريكا اللاتينية التي دمر اقتصادها الصندوق الدولي! وعندما ابتعدتْ عنه أصبح اقتصادها مزدهرًا ، فضلاً عن أن ماليزيا قدمت تجربةً ناجعة وثرية وغنية لاقتصاديات العالم بعد أن ابتعدتْ عن الصندوق الدولي؛ وبذلك حققت انجازًا اقتصاديًّا غير مسبوق على مستوى العالم، إذًا قد نتفق تلكم بضاعتُنا بالفعل إذا أردنا بالفعل أن لا يتلاعب بِنَا الغرب.