عاجلمقالات

محمد العرابي وزير الإنسانية!

جمال رشدي

الخارجية المصرية مؤسسة تاريخية دبلوماسية عريقة، تعاملت مع الكثير من رجالها، واستوقفني شئ أثار فضولي أن الكثير منهم تجمعهم صفات وسمات واحدة، إلا وهي الإنسانية وكل مبادئها من قيم وأخلاقيات وسلوكيات وثقافة وتواضع …الخ. بجانب الاتزان النفسي والأخلاقي، وثقافة الهوية المصرية التي يعتز بها رجال تلك المؤسسة.

 

وهناك عملاق أنساني من داخل جدران تلك المؤسسة وهو السيد محمد العرابي وزير خارجية مصر في 2011، له تاريخ عريق في العمل الدبلوماسي والوطني لخدمة مصر، حيث شغل سفير مصر في المانيا وعمل في سفارات مصر في الكويت ولندن وواشنطن وتل أبيب ، وقبل بلوغه سن التقاعد في مارس 2001 شغل منصب مساعد وزير الخارجية للشئون الاقتصادية.

رجل وطني من طراز فريد وهو ما أدركه جرذان الإخوان وأقلامهم أثناء توليه حقيبة وزارة الخارجية زمن حكومة عصام شرف في 2011، ولذلك شنوا هجوم لاذع عليه مما جعله يقوم بتقديم استقالته نظرًا لحاله الهياج التي كانت تجتاح المجتمع واختلط فيها الحابل بالنابل، واستخدمت فيها الجماعة الإرهابية سيوف الذبح المعنوي لكل شخصية وطنية تظهر علي السطح في ذلك الحين.

محمد العرابي

وبعد خروجه من وزارة الخارجية تولي رئاسة حزب المؤتمر وفي 2014 تقدم باستقالته من الحزب ، حيث تم التحاقه بالبرلمان الحالي عبر انتخابات حرة نزيه تم انتخابه رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب.

وما أود الكتابة بشأنه هو ما اهرب من الكتابة عنه دومًا، فكثير من الخدمات الإنسانية خارج وداخل مصر أرسلتها للوزير الإنسان السيد محمد العربي، وليصدق الجميع وبكل ضمير وطني خالص في التو واللحظة يتولي الرجل أمر المشكلة ويعمل علي حلها ويتابع ذلك بكل اهتمام، فعشرات المشاكل للعاملين في الخارج وكثير من المشاكل الإنسانية لمواطنين بسطاء في الداخل، أرسلتها للرجل وكان عند حسن الظن الوطني والإنساني.

ربما لم أعلن من قبل كما يعلن الجميع علي صفحاتهم في السوشيال ميديا عن إظهار أي عمل خيري أو أنساني، لأني لا أحبذ ذلك، مدام العمل الإنساني لوجه الله فقط فلا داعي لإظهار ذلك، لكن في هذا المقال اتخذت قرار أن اكتب عن هذا الرجل ليس لكي اقدم له جزيل الشكر والعرفان فقط، بل لكي اجعله يجسد حاله جميله رائعة اختفت من المجتمع منذ سنوات، وهي حالة المسئول الإنسان الذي يتجرد من كل مغلفات الذات والكرسي ويصب اهتمامه علي خدمة المواطن والوطن دون اكتراث بمن هو ذلك المواطن، فعلي كل من يصبوا إلي منصب أو مكانه وعلي الجهات التي تختار لهذا المنصب، أقول ليس الاسم أو الكفاءة أو معايير التذكية هي المقومات الوحيدة للمنصب، بل هناك صفات أهم بكثير من ذلك منها الإنسانية وحب الوطن بتجرد وإخلاص، هكذا الوزير محمد العرابي هو التجسيد الحي المتكامل لرجل الدولة والمنصب.

بجانب ذلك هو الرجل المفكر والذي يمتلك ثقل ثقافي متسع لجميع الأحداث خارجيًا وداخليًا ، فهو صادق في جميع أطروحاته لا يجنح يسارًا أو يمينًا من اجل أي أغراض سياسية، ففي كثير من تصريحاته يمس المشكلة بواقعية بعيد عن تصريحات التجميل والتزييف التي يحاول من خلالها بعض المسؤليين الهروب من الاقتراب من هذا الواقع.

ففي عام 2016 وإثناء احد حواراته الصحفية قرر الرجل أن هناك مشكلة اقتصادية خانقة علي المواطن، وكانت أطروحاته للعلاج رائعة وخارج الصندوق التقليدي للتعاطي مع المشكلة ، وطالب بعقد مؤتمر موسع يجمع خبراء الاقتصاد والمصرفيين وأساتذة الجامعات والمصدرين والمستثمرين للخروج بروشتة علاج سريع للازمة الاقتصادية، تلك كانت احد مختارات رؤيته لكيفية إدارة الأزمة بعمل جماعي متنوع الاختصاص..

وعن رئاسته للجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، فأجزم القول أن تلك اللجنة هي الأهم تاريخيًا في تاريخ البرلمان المصري نظرًا للظروف التي مرت بها مصر عقب ثورة 30 يونيو خارجيًا وحالة الاستنفار القصوى التي كان عليها كثير من دول العالم ضد مصر، حيث نجحت اللجنة باقتدار في تحسين صورة مصر خارجيًا عبر المؤتمرات والزيارات، وعن طريق ترسيم عمل دبلوماسي هادي ورائع استطاع اختزال واحتواء كل الاثار الخارجية التي كان يسوقها أعداء الوطن من دول ومنظمات ومؤسسات..

وأخيرا كل الشكر والتقدير لكل مكونات تلك اللجنة وعلي كل ما بذلته من مجهود من اجل رفعة الوطن واسترجاع صورته خارجيًا، وكل الشكر والتقدير أيضًا لكل لجان البرلمان وكل أعضائه للدور العظيم الذي قاموا به في فترة تاريخية صعبة للغاية، استطاعوا من خلالها التماسك والتكاتف لاستكمال مخرجات مؤسسات الدولة وترسيخها وتثبيتها رغم ما تعرضوا له من هجوم عنيف علي مدار الساعة..

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى