
مشعل حميدان الصبحي.
إن المتتبع للأحداث الإقليمية بمنطقتنا العربية، يقف وبسهولة على أمرين : رغبة إيرانية بالعودة إلى الإمبراطورية الفارسية الفائته، وأخرى تركية رغبة بإعادة الإمبراطورية العثمانية اليائسة، وكلا الطموحين يهدفان إلى السيطرة على المملكة العربية السعودية نفطا ومقدسات. وقد بذلت كل من إيران وتركيا محاولات عدة، وأطلقت المكائد ضد بلادنا ومقدساتنا بدعم دول غربية سياسيا وإعلاميا، وأخرى إسلامية بزعامة قطر و قناة الجزيرة الشريرة. و لسنوات خلت، بذل أعداؤنا محاولات مستمية لتشويش فريضة الحج، وإطلاق صيحات تدويل الحرمين، إلى تضخيم قضية الإعلامي السعودي جمال خاشقجي، لتشجييش العالم ضد بلادنا وضرب التعاون السعودي الأمريكي الاستراتيجي، إلا أن كل تلك المكائد وجدت قيادة سعودية يقضه، وخبرة سياسية عريضة، اكتسبها حكامنا عبر تاريخهم، والتي ألبست المواطن السعودي الثقة بقيادته، وبنت إدراكه بما يحاك ضده، فما انطوت عليه حيل المحتالين ولا انجرف خلف إعلام المغرضين.
اليوم، وبعد أن انتصرت السعودية دبلوماسيا، وعسكريا، وسياسيا، واقتصاديا، هزت تلك النجاحات التوسع الإيراني، وألجمت الإعلام المعادي، واستنزفت الاقتصاد التركي والقطري. فباتت تلك الإنجازات مصدر قلق وغيرة أعدائنا، ولن ينام لهم طرف عين ساعة واحدة. لذا، وفي ظل هذه المتغيرات، أصبح لازما علينا أن نتوقف في هذه المرحلة، لنسأل أنفسنا عن الإعلام، والذي يجب أن نكون جريئين مع أنفسنا في تناوله.
-هل كان إعلامنا السعودي والعربي بوجه عام حاضرا في تلك الأحداث ؟
-هل دعمت حكوماتنا الإعلام بالميزانيات الكافية التي تجعله قادرا على رفع إمكانياته التقنية وبكوادره محترفة؟
– هل يمتلك إعلامنا الخبرات الجيدة في العلاقات الدولية والإعلام السياسي المتخصص؟.
لقد أبلى المغرد السعودي بلاء حسنا في معركة الدفاع عن الوطن بموقع التواصل الاجتماعي تويتر ضد الحملة الشرسة المعادية ولا ننكر ذلك، لكن المرحلة المقبلة تتطلب خططا مرحلية ممنهجة و أكثر شمولية. إننا بحاجة إلى إعلاميين بكفاءة عالية تخاطب الرأي العام العالمي، وتؤثر على مصادر القرار فيه بمهنية عالية.
ومن وجهة نظري، أن المتربصين بنا لن يقفوا مكتوفي الأيدي بعد الهزائم المتتالية التي لحقت بهم، وسيزيدهم حقدهم، النجاحات الدولية التي حققتها السعودية في تحالفها العربي، وكذلك في التكتل الإسلامي ضد الإرهاب.
هذه السياده السعودية الإسلامية والعربية المطلقة، ستدفع بإيران وتركيا ونظام شرق سلوى ومن اتفق معهم في الغرب والشرق إلى إعادة الهجمات مرات ومرات، لكن هذه المرة سيكون التكتيك مختلفا عن السابق، بالبعد عن المواحهة المباشرة التي خسرت، بتعزيز المغرر بهم في منظماتنا الحقوقية، ومؤسساتنا المدنية بشكل أكبر، فينفثون فيها سمومهم عبر ثلاثة طرق، وهي المؤسسات الإعلامية والتعليمية والدينية. والصمود في هذه المعارك يحتاج إلى تنسيق بمستوى عالٍ بين الجهات المختصة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين الشركاء من الدول الصديقة والشقيقة، وهو ما أدركته حكومتنا -حماها الله-منذ وقت مبكر خلال مكافحتها للإرهاب طوال العقدين الماضيين.
إن المعركة الإعلامية الشعواء التي حيكت ضد بلادنا، كتب الله لنا فيها خيرا كثيرا. فقد عرفنا عدونا من صديقنا، وكشفت لنا الأصابع الخفية المتآمرة بيننا، وستجعلنا نعيد حساباتنا من جديد، فنبني صناعة إعلامية عربية ضخمة، تواكب المتغيرات القادمة بالشكل الذي نريد .