ياسين سالم
المملكة العربية السعودية لعبت دوراً هاماً في هذا السياق ، حيث بذلت جهوداً دبلوماسية لزيادة الإعتراف الدولي بفلسطين كدولة ، مما يعزز القضية الفلسطينية ويزيد الضغط على إسرائيل ، هذا الجهد السعودي يأتي في إطار إستراتيجية أوسع تهدف إلى عزل إسرائيل دولياً وإجبارها على العودة إلى طاولة المفاوضات ،
الإعتراف بفلسطين كدولة يضع إسرائيل في ورطة كبيرة ، حيث يُصنفها كقوة إحتلال وليست دولة شرعية ، مما يزيد من عزلتها على المستوى الدولي ويؤثر على معنويات شعبها ، الهدف من هذا التحرك هو الضغط على إسرائيل للرجوع إلى مائدة المفاوضات لحل الدولتين ، وهو ما يمثل مخرجاً استراتيجياً وحيداً لإنهاء الصراع الدائر ،
من خلال هذا الإعتراف ، يُفسّر موقف إسرائيل أمام العالم كقوة إحتلال، مما يفتح الباب أمام تبعات سياسية واقتصادية وإجتماعية متراكمة ، هذا التحول في الخطاب الدولي يُعتبر انتصاراً للقضية الفلسطينية ويعزز من موقفها التفاوضي ،
ومع ذلك ، يبقى التحدي الأكبر الذي يكمن في دور الجبهات الداخلية مثل حماس ، موقف حماس غامض حتى بعد إتفاق وقف اطلاق النار ، الإتهامات المتبادلة بينها وبين الإحتلال الإسرائيلي يضعها تحت طائل تهمة التلاعب بالقضية الفلسطينية والتخادم مع الإحتلال لتبقى في السلطة ، مستغلة الدماء والألم كأوراق ضغط لتحقيق مصالحها الشخصية ، فبدلاً من العمل على تحرير فلسطين ، نجدها تركّز على البقاء في المشهد بأي ثمن ، هذا الوضع يثير الجدل حول إتهام حماس مجدداً والإصرار العربي والدولي على عدم إستمرارها في تمثيل الشعب الفلسطيني ،
التخوف الحقيقي لدى كل مراقب يكمن في أي اختراق أو عبث تقوم به حماس ، حيث يُعتبر تقديم حلول أو تنازلات للمحتل مقابل البقاء وقد يُفسَّر في “إعلام محور المقاومة” على أنه مكاسب وصمود وإنتصار لجماعة حماس ، مما يعزز من موقفهم وقد يدفع إسرائيل إلى التمسك بموقفها الرافض لأي حلول وهذا ماتريده وهذا ما تبحث عنه إسرائيل ، حل يخرجها من دائرة الإحراج امام العالم ،
إسرائيل تفضل في اكثر الأحيان إستمرار التهديد الحمساوي كمبرر لإستمرار سياساتها وتنفيذ اجندتها ومشاريعها الإستيطانية دون تقديم تراجع او تنازلات حقيقية للعالم ،
إذا ما أرادت إسرائيل إنهاء الصراع بشكل حقيقي ، عليها أن تكون مستعدة لقبول حل الدولتين والتعامل مع القضايا الجذرية للصراع ، بالتخلي عن ممارساتها الإجرامية والإتجاه نحو مسار السلام الحقيقي لا بالمراوغة ، بما في ذلك مستقبل غزة ومصداقيتها في رفض وجود حماس في السلطة إذا كانت جادة في إنهاء الإحتلال فعلاً ، ومع ذلك ، فإنني أشك في جدية هذه النوايا ، كما أشك في قبول حماس للإتفاق ، وأشك في تنفيذها لبنود الإتفاق السابق ، فالتصريحات وحدها لا تكفي ،
كمتابع ، أرى أن كل ما تقدم من مؤتمرات وتوقيعات حول غزة كان حلولاً تخديرية ودعائية لم ينتج عنها شيء ، ومع ذلك ، أثق بما قدمته المملكة من حلول مستقبلية لفلسطين وغزة ، وأرى أنها الحلول المناسبة والحقيقية ، بفضل الجهود السعودية في قيادة ملف الإعتراف الدولي وجهود دولية أخرى مؤثرة ، يبدو أن القضية الفلسطينية تتجه نحو تصعيد دبلوماسي يهدف إلى تحقيق حل عادل وشامل ، إن إستمرار هذه الجهود قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في المشهد السياسي الحالي ويفتح الباب أمام مستقبل أكثر استقراراً في المنطقة ،
ومع ذلك ، يزداد شكي في الطرفين “حماس وإسرائيل” في الجدية ، فلابد من تدخل دولي حقيقي ومصداقية أمريكية في الحل ، وإيقاف الطرفين عن هذا العبث في صراع الشرق الأوسط ، فالوضع الحالي يتطلب موقفاً حازماً وفعالاً لوقف الدائرة المفرغة للعنف والمماطلة .



