عاجل

التعامل مع الضغط النفسي وأثره على الصحة العامة

 

 

يشهد العالم الحالي العديد من التطورات العلمية والتكنولوجية التي انعكست على جوانب حياتنا المختلفة فسهلت لنا الكثير من المهام؛ إلا أنها جعلت الأفراد عرضة للعديد من الضغوط النفسية وكما أشارت إحصاءات منظمة الصحة العالمية بازدياد الاضطرابات الصحية الناتجة عن الضغوط النفسية حيث أصبحت تمثل 80%من نسبة كل الأمراض المعروفة ، ولمواجهة تلك الضغوط النفسية وتحقيق الاتزان والجودة في حياتنا سنتطرق إلى فهم الضغط النفسي وأثره على الصحة العامة وأهم الأساليب والاستراتيجيات للتخلص من آثار الضغط النفسي وكيفية التعامل معه.

يعتبر الضغط النفسي عملية تفاعلية بين المثيرات المحيطة للفرد وكيفية استجابته الفسيولوجية والسلوكية لها ، وفي وجود التوازن والقدرة على إدارة الضغوط فإن تلك المثيرات تعد الحافز الرئيسي للإنجاز والحصول على خبرات حياتية في مجالات شتى إلا أن بعض المثيرات يكون لها أثر سلبي ومجهد للفرد ومع عدم القدرة على الاستجابة المناسبة لها فيؤثر ذلك على الصحة والسلوك العام .

وتتفاوت مصادر الضغط النفسي بين مصادر ضغط حادة كوفاة شخص عزيز ،التعرض لخسارة مالية كبيرة و مفاجأة أو ضرورة الانتقال والتأقلم على مكان جديد وبشكل طارئ  ؛ ومصادر أخرى مزمنة مثل علاقات اجتماعية ضاغطة والبطالة و بيئة عمل مجهدة .كما تمثل بعض المواقف اليومية كطوابير الانتظار ، التقلبات الجوية و المسؤوليات الاجتماعية مصادر ضغط نفسي للبعض وهنا نشير أن اختلاف الأنماط الشخصية أيضا يعتبر أحد مصادر الضغط النفسي فالشخصيات عالية الطموح والتي تتميز بالرغبة المتواصلة للنجاح وعدم تقبل الخطأ والاختلاف من البيئة المحيطة تضع نفسها في حالة مستمرة من الشعور بالضغط .

ويستجيب الجسم للضغوط النفسية عن طريق إطلاق نظام الإنذار في الدماغ ومن خلال مؤشرات عصبية وهرمونية يستجيب لها الجسم في وقت وجيز فيفرز هرمون الادرينالين الذي يزيد معدل ضربات القلب ويرفع ضغط الدم ويعزز امدادات الطاقة للأعضاء الأكثر حيوية في حالة الاستجابة للمثيرات المحيطة بينما يعمل هرمون الكورتيزول على زيادة السكر في الدم ويحد من وظائف الجهاز الهضمي والتناسلي وعمليات النمو ويقلل تدفق الدم إليها ويعمل على تخزين الدهون غير المرغوب بها.

ومن هنا يمكن تفسير بعض الأمراض الناتجة عن الضغط النفسي المزمن فعلى سبيل المثال توقف السير الطبيعي لعملية الهضم والحد من افرازات اللعاب والأنزيمات الهاضمة والتقليل من عملية امتصاص الطعام في الأمعاء كل ذلك يظهر في صورة عسر هضم مزمن وكثرة أعراض الغازات والنفخة والامساك المزمن.

كما يحد التوتر والضغط النفسي المزمن من فعالية جهاز المناعة ويعرض الجسم للوقوع فريسة للكثير من الأمراض الناتجة عن ضعف أداء الخلايا المناعية للجسم.

وفي مواجهة الضغوط النفسية يعتبر التعرف على مصادر تلك الضغوط هي الخطوة الأولى للتعامل معها، وتنوعت استراتيجيات التعامل مع الضغوط النفسية بين التعامل مع المشكلة، واستراتيجيات سلوكية للتعامل مع التغييرات الفسيولوجية وتعديل آلية الانفعال؛ مثال على ذلك:

العمل على تنمية الوعي الذاتي من خلال معرفة نقاط القوة والضعف وكيفية التعامل معها، والعمل على تحديد الأهداف والقيم الشخصية.

التمكن من السيطرة على الانفعالات والقيام بأنشطة تستطيع من خلالها الاستمتاع وتفادي الانهاك الذي تتعرض له خلال العمل مثل القيام باللعب مع الأطفال أو مصاحبة كبار السن والحديث معهم والاستفادة من خبراتهم والاشتراك في أندية القراءة على وسائل التواصل الاجتماعي.

إعادة برمجة عملية التفاعل مع المجريات من خلال التقييم المعرفي لما يتعرض له الفرد من مشاكل وأحداث وعدم إعطاء الأمور أكبر من حجمها.

كما يعد اكتساب بعض المهارات الحياتية ضرورة لمواجهة الضغوطات التي تفرضها أساليب الحياة الجديدة، ومن أهم تلك المهارات هي مهارة إدارة الوقت وتحديد الأولويات.

وتعتبر الرياضة والأنشطة البدنية من الوسائل الفعالة لتدريب الجسم على التعامل مع الضغوط والتكيف معها.

ويجب أن نشير إلى أنه في العديد من الحالات قد يحتاج الفرد للعلاقات الاجتماعية والاستعانة بمحيطه لتخطي بعض الأزمات الحياتية التي قد يمر بها لذلك يجب الحرص على التواجد في بيئة اجتماعية داعمة ومحفزة ولا ننسى دائما أن صدق الايمان والتوكل على الله يساعدنا في تقبل والتكيف مع ضغوط الحياة المختلفة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى