
في ظل التطورات التي تشهدها المملكة العربية السعودية ويشهد بها التاريخ للمملكة ، والدعم الذي تقدمه الدولة رعاها الله لشعبها وللكثير من شعوب الأرض العربية والإسلامية والأجنبية، والذي لا يستغرب على قادة هذه البلاد، أزهرت وتجلّت العديد من المبادرات والجهود الخيرية والتنموية التي تعكس رؤية المملكة الثاقبة وحرصها على تقديم العون والمساعدة للجميع ، إن هذه الجهود تعكس إلتزام المملكة بقيم التضامن والتعاون الدولي والإنساني قبل كل شيء ، وتؤكد على دورها الريادي في خدمة الإنسانية وتحقيق الإستقرار والتنمية في المنطقة والعالم ، حفظ الله المملكة وشعبها، وأدام عزها وازدهارها ،
إلا انه برزت بعض من التحديات التي واجهت الأسر المحتاجة المعتمدة كلياً او جزئياً على نظام الضمان الإجتماعي ، وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتحسين النظام وضمان وصول الدعم إلى المستحقين، إلا أن هناك العديد من المشاكل التي لا تزال قائمة وتؤثر سلباً على إستقرار حياة الأسر ،
من أبرز المشاكل التي تواجه الأسر المحتاجة هي قطع الرواتب بسبب غياب أحد أفراد الأسرة عن التحضير الشهري ، هذا الإجراء يبدو بسيطاً جداً ، لكنه يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على الأسر التي تعتمد على هذا الدعم للبقاء ، فغياب فرد واحد عن التحضير يمكن أن يؤدي إلى قطع الراتب عن الأسرة بأكملها ، مما يضعهم في موقف صعب للغاية ،
علاوة على ذلك، هناك مشكلة أخرى تتمثل في الشروط التعجيزية التي تُفرض على الأسر المحتاجة للحصول على الدعم ، على سبيل المثال، يُطلب من بعض الأسر تقديم عقد إيجار إلكتروني، وهو أمر صعب المنال للعديد منهم، لا سيما أولئك الذين يعيشون في ظروف إقتصادية صعبة ويقيمون برفقة ذويهم ، فكيف يمكن لأسرة تعيش على راتب ضماني محدود أن تدفع إيجار شقة باهظ الثمن لشاب معاق او لسيدة مسنّة ؟
كما أن هناك مشكلة في طريقة التعامل مع الأسر المحتاجة ، فبدلاً من تقديم الدعم والمساعدة، يبدو أن هناك بيروقراطية وإجراءات معقدة تُفرض عليهم، مما يزيد من معاناتهم ويجعل من الصعب عليهم الحصول على حقوقهم ، خاصة في حالات الأسر التي تضم معاقين أو مسنين، حيث يُطلب منهم أحياناً تقديم عقد إيجار مستقل، وهو أمر غير منطقي نظراً لصعوبة توفير الرعاية والمساعدة التي يحتاجونها في ظل راتب الضمان المحدود ،
فالمعاقون والمسنون يحتاجون إلى رعاية خاصة ومساعدة دائمة، وهذا يتطلب وجود شخص متفرغ لرعايتهم ، فكيف يمكن لأسرة أن تتحمل تكاليف استئجار شقة منفصلة لهم، بالإضافة إلى تكاليف السائق والخادمة والمساعدة والرعاية التي يحتاجونها؟ هذا يعتبر عبئاً إضافياً على الأسر المحتاجة ، خاصة إذا كان راتب الضمان لا يغطي حتى ثلث هذه المصاريف او حتى ربعها ،
كما أن هناك نقطة أخرى هامة تتعلق بآلية قطع الراتب، حيث يفترض أن تراعى فيها الإنسانية ومراعاة الظروف الخاصة للأسر ، فمن غير المقبول أن يتم قطع الراتب في توقيتات حرجة مثل قبل الأعياد ولنتذكر قطع رواتب كثير من الناس في شهر ذي القعدة من العام المنصرم كان قبل عيد الاضحى بأيام ، حيث يحتاج الناس إلى دعمهم المالي للإستعداد والإحتفال بكرامة ، يجب أن تكون هناك مراعاة لظروف الأسر المحتاجة وتقديم الدعم اللازم لهم في الأوقات التي يحتاجونها فيها أكثر او على الاقل تجاوز بعض الاوقات وإرسال تنبيه ، لا معاقبتهم في وقت كانوا به في اشد الحاجة للراتب ،
في ظل هذه التحديات ، يأمل الناس في أن يتم النظر في إمكانية تغيير هذه الآلية وتقديم دعم حقيقي للأسر المحتاجة بسهولة ، فبدلاً من قطع الرواتب بسبب غياب فرد واحد، يمكن النظر في إمكانية إضافة استثناءات للظروف الخاصة وتسهيل إجراءات إثبات الحالات الخاصة عن بعد عبر الموبايل ، كما يأمل الناس في أن يتم النظر في تحسين طريقة التعامل مع الأسر المحتاجة وتقديم الدعم اللازم لهم دون تعقيدات أو عراقيل مثلاً طريقة الباحث والاسئلة والتطرق للتفاصيل المحرجة وطريقة التحضير في كل زيارة بعد كل شهرين او ثلاثة اشهر وعدم المرونة احياناً مع ظروف الناس ، فالأسر المحتاجة تحتاج إلى دعم حقيقي وليس إلى إجراءات روتينية تزيد من معاناتهم
حصل خلاف بين أحد الأزواج وزوجته، مما أدى إلى مغادرتها المنزل والتوجه إلى بيت أهلها ، وكان هذا الزعل عابراً ومن المتوقع أن تُحل المشكلة في غضون أيام ، ومع ذلك، صادف حضور الباحث الإجتماعي في نفس الفترة ولم يجد الزوجة ، وعلى الرغم من محاولة الزوج شرح الوضع وتوضيح أن الخلافات عابرة ، إلا أن الباحث سجل غيابها ، مما أدى إلى حرمان الأسرة من الراتب لمدة ثلاثة أشهر لحين قبول الاعتراض المقدم مع الإثبات ، علماً بأن الزوجة قد عادت إلى منزلها بعد فترة قصيرة وصُدمت بقطع الراتب الشهري الذي ربما كان عنصر المادة هو سبب الشجار من الاساس فما بالك بقطع الراتب نهائياً ،
شر البلية مايبكي ،
في الختام ، نأمل أن يتم النظر في هذه القضايا الهامة وأن يتم العمل على تحسين نظام الضمان الإجتماعي لضمان وصول الدعم إلى المستحقين دون عراقيل أو تعقيدات ، حفظ الله الجميع ورعاهم ، وكل الأمل بالله ثم سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي ولي العهد حفظه الله في حل معاناة المواطنين المستفيدين من الضمان الإجتماعي .
ياسين سالم العبيدان
كاتب سعودي