يوم التأسيس تاريخ ضارب جذوره في ارض الوطن

سامي العثمان
ونحن نحتفل بيوم تأسيس المملكة العربية السعودية والتي اعلن عنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان كذكرى خالدة كتبها التاريخ بأحرف من ذهب ولذلك يوم التأسيس يعني تاريخ مجيد لوطن يحمل الاصالة ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، ٣٠٠عام عام تمخض عنه هذه الدولة العظيمة التي تسابق الزمن التي تستمد تاريخها التليد الذي رسم كيانها وجعلها في مصاف الامم المتقدمة.
ولعل في استخضار نشوء الدولة السعودية الحديثة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه شواهد ثابتةلتأكيد تلك الخصوصية الحضارية المستمرة معالمها حتى اليوم ، والتي اعطت لنظام الحكم في المملكة هوية ذاتية تتغاير مع كل انماط الانظمة المتعارف عليها ، فالخصوصية الحضارية للمملكة تتمثل اولاً في طبيعة ذلك النظام الذي يشكل نموذجاً لمهمات الاستخلاف في الارض المنبثقة من مباديء العقيدة الاسلامية السمحاء الوسطية المعتدلة التي تؤمن تماماً بالمحبة والسلام والوئام وتدفع باتجاه نشر تلك المعاني الساميه للبشرية جمعاء،كل ذلك ايها السادة متجذر وامتداد المجتمع السعودي الذي وجد في دعوات الانبعاث التي قادتها دائماً اسرة ال سعود ذاتيته وخصوصيته واستمرارية الرسالة المنوطة به، كساهر امين للحفاظ على النموذج العربي والاسلامي والانساني كصيغة ثابته لتحقيق امانة الاستخلاف في الارض،
لعلي وانا اقرأ نظام الحكم في المملكة استند على وقائع تاريخية ارتبطت بالمهمة النبيلة لتأسيس الدولة السعودية الحديثة، ففي الوقت الذي استشرت فيه الصراعات المذهبية.والدولية بهدف تمزيق المنطقة العربية وضعاف كخطوة ترتبط في المخطط الاستعماري باستراتيجية بسط النفوذ على العالمين العربي والاسلامي حيث ادرك العالم الغربي والشرقي معاً ومنذ بداية القرن التاسع عشر الاهمية الاستراتيجية لمنطقة شبه الجزيرة العربية، وعمد بوسائل شتى في فرض هيمنته عليها في اطار مخطط بعيد المدى لتقاسم النفوذ والحد من امتداد العالم العربي والاسلامي المؤهل لتشكيل قوة روحية ومادية جديرة بقدراتها وقيمها والتزاماتها ان تفرض حضوراًيتحكم في التوازن الدولي ويكًون له تعبير قوي في المجتمع المعاصر والعلاقات في العالم.
لذلك فان نشوء الدولة السعودية الحديثة لاينبغي فهمه في سياقه الجغرافي فقط بالرغم مما للحقائق الجغرافية من اهميات شتى وانما في سياقه التاريخي على مستوى اخذ المملكة لزمام المبادرة في ادارة الصراع وفق مايخدم العروبة والانسانية وتوجهاتها العقائدية الاسلامية المعتدلة الوسطية، وسيظل التاريخ العربي والاسلامي مديناً لاسرة ال سعود بالفضل بعد الله في الانتقال بالصراع الى مستوى التحدي بين مجتمع عربي اسلامي معتدل وسطي يدفع باتجاه السلام والوئام وتكريم الانسانية والبشرية وبين قوى وتيارات وايدلوجيات مغايرة ارادت من خلال القوة والتأمر ان تحد من قدرات الامتين العربية والاسلامية، واذ يرتبط مخطط تلك القوى، الذي لايزال حتى اليوم مستمراً عبر اشكال متعددة بفكرةاستئصال المجتمع العربي والاسلامي من جذوره فان رد الفعل الطبيعي والتاريخي الذي اقدمت عليه المملكة منذ تأسيسها قد تمثل في رفع لواء الدفاع عن الاسلام وحمية مقدساته، وصون رسالته، كذلك بالنسبة للعروبة التي تمثل الاصالة والتي تحمي الاسلام وبلغتها انزل كتاب الله القرأن الكريم،وانطلاقاً من تلك الحقائق فان نظام الحكم في المملكة يتحمل بأمانة رسالة كبرى تتجاوز في ابعادها مجرد نظام في الحكم وهذا مايميزها عن سائر الانظمة التي تستأثر فقط بمهمات ادارة الحكم وتنظيم شؤونه،كما ان مفهوم الحكم السعودي له دلالاته البارزة في اعطاء الحكم في المملكة ميزته الذاتية القائمة على جملة معطيات تتمحور في صون رسالة الاسلام والارتباط بالارض وبالانسان ، وكما كان تاسيس الدولة السعودية الحديثة استنهاضًا للتحدي المشروع الذي قادته اسرة ال سعود لاسماع صوت العروبة والاسلام فان الدور الذي تمارسه اليوم من اجل مواجهة التحدي المفروض على الامة العربية والاسلامية في فلسطين والعراق وسوريا واليمن من قبل الصهاينة والمشروع الفارسي،يظل استمرارية لمفهوم التشبت بالارض والدفاع عن الكرامة.
ان المصطلحات والمقاييس التي تؤطر مفاهيم انظمة الحكم في العالم المعاصر المدلول لها الا بمقدار. ممارسة الدور الذي يخدم مصالح وطموح شعوبها ويحقق آمالها في حياة كريمة مستقرة آمنه ويستجيب لمقوماتها الاصيلة، فالاستقرار لايرتبط بالعنصر المادي وحده، وانما يتطلب توازناً روحياً وفكرياً يشكل الضمانة الاكيدة لاشاعة الحرية والكرامة والعزة،وهنا يبرز جانباً هاماً من سمات نظام الحكم في المملكة الذي لايخضع للتصنيفات الجاهزة ولا يتأثر بمغريات المصطلحات الايدلوجيات، ففي الوقت الذي تعرف فيه المجتمعات الراهنة وبشكل خاص في بلدان العالم الثالث ضروباً من الهزات السياسية التي تجعل من الصراع على السلطة وحولها هدفاً لذاته تسخر له الكثير من الادوات والوسائل غير المشروعة، نجد المملكة تتميز باستقرارها وتوازنها واستمرارها بظاهرة الانتقال العفوي للسلطة عن طريق مبايعة الشعب للملك، تلك المبايعة التي ترمز في مفهومها الاسلامي الدقيق لسيادة مباديءالشورى في الحكم والمشاركة فيه، وكان خلاله عبر شخص الملك وحامي وخادم الحرمين الشريفين باتجاه الحفاظ على ميراث راسخ من المواقف والالتزامات التي تربط الملك بالشعب سواء على مستوى حركة المجتمع الداخلية او على صعيد العلاقات التي تربط المملكة بالعالم .
يبقى ان اقول ايها السادة تاريخ المملكة منذ التاسيس وحتى اليوم صنع انسان، حضارة، تاريخ، مستقبل، وبلورة للدور الريادي والتاريخي تجاه الامة العربية والاسلامية والانسانية.